ماذا يوجد في السماء السابعة؟

ما يوجد في السماء السابعة

في العقيدة الإسلامية، للسموات السبع مكانة عظيمة، وهي من الغيبيات التي أُمر المؤمنون بالإيمان بها كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية. وتأتي السماء السابعة في أعلى مراتب السموات، وهي السماء التي بلغها النبي محمد ﷺ ليلة المعراج، وهناك تجلّت أعظم المشاهد الروحية والكونية، واحتضنت أقدس المخلوقات، وهي تُعد أقرب سماء إلى “سدرة المنتهى”، المكان الذي لا يتجاوزه أحد من المخلوقين، وهو مقام لا يبلغه حتى جبريل عليه السلام. هذا المقال يستعرض بدقة وغزارة علمية ما ورد في النصوص الإسلامية عن السماء السابعة، ويتناول خصائصها، ومن يسكنها، وأهميتها في العقيدة.

السماء السابعة في القرآن الكريم

ذكر الله سبحانه وتعالى السموات السبع في عدة مواضع من كتابه الكريم، منها قوله تعالى:

﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾

[الملك: 3]

وقوله تعالى:

﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾

[فصلت: 12]

ورغم أن القرآن لم يذكر تفاصيل دقيقة لكل سماء على حدة، فإن الحديث عن السماء السابعة تحديدًا ورد ضمن الإشارات المرتبطة بالإسراء والمعراج، وخصوصًا في الأحاديث النبوية، والتي تُعتبر مكملة للتصوّر الكوني الوارد في القرآن الكريم.

السماء السابعة في السنة النبوية

أهم مصدر لمعرفة ما يوجد في السماء السابعة يأتي من حديث الإسراء والمعراج، عندما صعد النبي محمد ﷺ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، فاستقبله في كل سماء نبي من أنبياء الله، حتى بلغ السماء السابعة.

ورد في الحديث الصحيح عن البخاري ومسلم، في وصف المعراج، أن النبي ﷺ قال:

“ثم عرج بي إلى السماء السابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، فنِعم المجيء جاء. فإذا أنا بإبراهيم، قال: هذا أبوك، فسلِّم عليه، قال: فسلَّمت عليه، فردّ السلام، وقال: مرحبًا بالابن الصالح، والنبي الصالح…”

وبذلك يتبيّن أن إبراهيم عليه السلام هو ساكن السماء السابعة، وهو خليل الله وأبو الأنبياء، وقد وصفه النبي ﷺ بأنه في هيئة جليلة عظيمة يوم رآه، مستندًا إلى البيت المعمور.

من هو إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة؟

وجود النبي إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة له دلالة عظيمة في الفكر الإسلامي. فهو “خليل الرحمن” وصاحب الملة الحنيفية، ومقامه في أعلى السموات هو تجلٍّ لمكانته الفريدة عند الله.

ويُقال إن إبراهيم عليه السلام قد استودع الله ذرّيته، واصطفاه بالرسالة والنبوة، وأصبح رمزًا للتوحيد الخالص، ولذلك فإن وجوده في أرفع السموات يعكس علو مرتبته في الآخرة، كما كان في الدنيا.

البيت المعمور في السماء السابعة

من أعظم ما يوجد في السماء السابعة هو البيت المعمور. وقد جاء ذكره في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال:

“ثم رفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه.”

البيت المعمور هو بيت يشبه الكعبة في الأرض، ولكنه في السماء، ويقع تحديدًا في السماء السابعة، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، أي أن عدد الملائكة الذين يعبدون الله لا يُحصى، وكل يوم يفد إلى هذا البيت فوج جديد لا يكرّر زيارته.

البيت المعمور يقع فوق الكعبة المشرفة مباشرة، كما ورد في تفسير بعض العلماء، وهو يوازيها في المكان والمقام، كما توازي الجنة السماوات العلى.

سدرة المنتهى والموقع بين السماء السابعة والعرش

بعد السماء السابعة، يأتي موضع فاصل عظيم يُدعى سدرة المنتهى، وهو الحد الذي لا يتجاوزه أحد من المخلوقين. وقد ورد في سورة النجم:

﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ﴾

[النجم: 14]

وقد ورد في الحديث الشريف أن هذه السدرة تقع في نهاية السماء السابعة، وهي مكان توقف عنده جبريل عليه السلام، ولم يستطع تجاوزه، بينما أُذن للنبي محمد ﷺ بالتقدم.

في هذا الموقع الجليل فُرضت الصلاة، وهي العبادة الوحيدة التي فُرضت من فوق سبع سماوات، مباشرةً دون وحي بواسطة جبريل، ما يعكس عظمة هذا المكان.

العرش والكرسي وعلاقتهما بالسماء السابعة

السماء السابعة تقع أسفل العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات. وقد ورد عن النبي ﷺ:

“ما السماوات السبع، في الكرسي، إلا كحلقة أُلقيت في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة.”

[رواه البيهقي وابن أبي شيبة]

الكرسي موضع القدمين لله سبحانه وتعالى، والعرش أعظم من ذلك، وهو سقف جميع الكائنات، والسماء السابعة تقع تحته، ولكنها أقرب إلى سدرة المنتهى، والبيت المعمور، ومقام الخليل إبراهيم عليه السلام.

جدول توضيحي: السماء السابعة وما فيها

مكانة السماء السابعة في العقيدة الإسلامية

السماء السابعة ليست مجرد مستوى كوني فحسب، بل هي رمز لمعاني روحية وسامية في العقيدة الإسلامية. فهي:

• ذروة الترقي الروحي: وصول النبي إليها يُعد قمة التشريف، حيث لم يبلغها أي نبي إلا بقدر معلوم، بينما تجاوزها النبي ﷺ.

• موضع تكريم الأنبياء: حيث يقيم فيها أبو الأنبياء إبراهيم، رمز الاستقامة والإخلاص.

• مقر للعبادة الملائكية: البيت المعمور يعج بعبادة لا تتوقف، ترمز إلى السمو والكمال.

• مرتبطة بالتكليف الأعظم: الصلاة التي فُرضت على المسلمين مصدرها تلك السماء، ما يعطيها خصوصية في العبادة.

أقوال العلماء والمفسرين

• القرطبي في تفسيره أشار إلى أن السموات السبع طبقات متراكبة، والسماء السابعة تمثل أقصى ما يمكن للملائكة أن تصل إليه، ومن بعدها يأتي مقام الغيب المحض.

• ابن كثير في تفسيره أشار إلى أن البيت المعمور يقابل الكعبة، وأن سدرة المنتهى موضع اتصال الخلق بالخالق، وأنها نهاية ما يصل إليه العلم والخلق.

الملائكة في السماء السابعة

يعتقد المسلمون أن السماء السابعة تعج بالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ومنهم:

• حملة العرش، الذين هم من أعظم الملائكة مكانة.

• ملائكة البيت المعمور الذين يطوفون كما يطوف المؤمنون بالكعبة.

• الملائكة المكلفون بتنظيم عبادات السموات وتنفيذ أوامر الله.

موازنة بين السموات السبع

خاتمة تحليلية

السماء السابعة، بمكانتها الفريدة في الوحي، تمثل نهاية مدركات البشر وبداية الغيب المطلق. من سكنها، وما يوجد فيها من معالم ربانية مثل البيت المعمور وسدرة المنتهى، يفتح أبواب التأمل في عظمة الخلق، وتسلسل العوالم، ويُظهر أن ما نراه من السماء الدنيا ليس إلا الطبقة الأولى من خلق واسع وعظيم. السماء السابعة تعكس مركزًا كونيًا وروحيًا عظيمًا في العقيدة الإسلامية، ومحطة نهائية تُفضي إلى مقام الهيبة والعظمة، الذي لا يبلغه أحد إلا بإذن الله.

المصادر:

1. صحيح البخاري – كتاب بدء الخلق – باب ذكر الملائكة.

2. تفسير ابن كثير – سورة النجم، وسورة المعراج.